responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 205
وَأَمَّا الْوَحْيُ الْبَاطِنُ فَهُوَ مَا يُنَالُ بِاجْتِهَادِ الرَّأْيِ بِالتَّأَمُّلِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَنْصُوصَةِ.

وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْفَصْلِ فَأَبَى بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ حَظِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا لَهُ الْوَحْيُ الْخَالِصُ لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا الرَّأْيُ وَالِاجْتِهَادُ لِأُمَّتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ لَهُ الْعَمَلُ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِالْوَحْيِ وَالرَّأْيِ جَمِيعًا وَالْقَوْلُ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّ الرَّسُولَ مَأْمُورٌ بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ فِيمَا لَمْ يُوحَ إلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْوَاقِعَةِ ثُمَّ الْعَمَلُ بِالرَّأْيِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مِنْ الْكَسْبِ بَلْ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِلِامْتِثَالِ بِالْأَمْرِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاتَّقُوا اللَّهَ مُتَعَلِّقًا بِ أَجْمِلُوا أَيْ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ بِالْإِجْمَالِ فِي طَلَبِهِ بِالِاحْتِرَازِ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْأَسْبَابِ الْمَحْظُورَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالثَّالِثُ مَا تَبَدَّى أَيْ ظَهَرَ لِقَلْبِهِ يَعْنِي مِنْ الْحَقِّ بِلَا شُبْهَةٍ وَقَوْلُهُ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُزَاحِمٍ تَأْكِيدٌ وَالْإِلْهَامُ مِنْ أَقْسَامِ الْوَحْيِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا} [الشورى: 51] أَيْ بِطَرِيقِ الْإِلْهَامِ وَهُوَ الْقَذْفُ فِي الْقَلْبِ كَمَا قَذَفَ فِي قَلْبِ أُمِّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا عَرَفَ قَطْعًا أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً قَاطِعَةً فَهَذَا أَيْ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَحْيٌ ظَاهِرٌ كُلُّهُ لِظُهُورِهِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَرْكِ حَقِّيَّتِهِ أَيْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُبْتَلًى بِدَرْكِ حَقِّيَّتِهِ بِالتَّأَمُّلِ فِيمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْآيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى حَقِّيَّتِهِ وَنَحْنُ مُبْتَلَوْنَ بَدْرِك حَقِّيَّتِهِ أَيْضًا بَعْدَ تَبْلِيغِهِ إلَيْنَا بِالتَّأَمُّلِ فِي الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ.
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ طَرِيقُ الظُّهُورِ بِأَنْ ظَهَرَ الْبَعْضُ بِتَبْلِيغِ الْمَلَكِ وَالْبَعْضُ بِإِشَارَتِهِ وَالْبَعْضُ بِإِظْهَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهَذِهِ أَيْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا شَرِكَةَ لِلْأُمَّةِ فِيهَا إذْ الْوَحْيُ مِنْ خَصَائِصِهِ بِلَا شُبْهَةٍ وَكَذَا الْإِلْهَامُ الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ شُبْهَةٌ لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَوْ وُجِدَ وَأُكْرِمَ غَيْرُهُ بِذَلِكَ كَانَ ثُبُوتُهُ لَهُ لِحَقِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَيْ لِحُرْمَتِهِ عَلَى مِثَالِ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِحُرْمَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِتْمَامًا لِمُعْجِزَتِهِ عَلَى مَا عُرِفَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَخْرُجُ بِثُبُوتِهِ لِلْغَيْرِ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ لِلْغَيْرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ فَثَبَتَ أَنَّ كَوْنَ الْإِلْهَامِ حُجَّةً مَخْصُوصٌ بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْلُهُ (وَأَمَّا الْوَحْيُ الْبَاطِنُ) فَكَذَا جُعِلَ الِاجْتِهَادُ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحْيًا بَاطِنًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، فَإِنَّ تَقْدِيرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى اجْتِهَادِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ حَقِيقَةً كَمَا إذَا ثَبَتَ بِالْوَحْيِ ابْتِدَاءً وَجَعَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مُشَابِهًا لِلْوَحْيِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَيْضًا فَقَالَ: وَأَمَّا مَا يُشْبِهُ الْوَحْيَ فِي حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ اسْتِنْبَاطُ الْأَحْكَامِ مِنْ النُّصُوصِ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ، فَإِنَّ مَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهَذَا الطَّرِيقِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الثَّابِتِ بِالْوَحْيِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ صَوَابًا لَا مَحَالَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُقَرُّ عَلَى الْخَطَأِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ حُجَّةً قَاطِعَةً، وَمِثْلُ هَذَا مِنْ الْأُمَّةِ لَا يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْيِ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ الْكَمَالِ مَا لَا يُحِيطُ بِهِ إلَّا اللَّهُ فَلَا شَكَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُسَاوِيه فِي إعْمَالِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ.

[جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ]
قَوْلُهُ (وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْفَصْلِ) أَيْ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي كَوْنِهِ مُتَعَبَّدًا بِهِ فَأَبَى بَعْضُهُمْ وَهُمْ الْأَشْعَرِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ أَنْ يَكُونَ الِاجْتِهَادُ حَظَّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالُوا: إنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ عَقْلًا وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ وَبَعْضِهِمْ قَالُوا: إنَّهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ عَقْلًا وَلَكِنَّهُ لَمْ يُتَعَبَّدْ بِهِ شَرْعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهُمْ عَامَّةُ أَهْلِ الْأُصُولِ كَانَ لَهُ الْعَمَلُ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِالْوَحْيِ وَالرَّأْيِ جَمِيعًا أَيْ بِالْوَحْيِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مُتَعَبَّدًا بِانْتِظَارِ الْوَحْيِ فِي حَادِثَةٍ لَيْسَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست